٢٠١١-٠٥-٢٩

العبور -1-

في زمان ومكان بعيدين عن هذه الأرض كانت هناك مخلوقات بسيطة تسكن على حافة متهالكة يرتبط بها جسر خشبي مهترئ لا تعرف نهايته وقد علقت عليه عبارة ممنوع العبور. وكان لهذه المخلوقات حاكم متجبر اسمه أسد الزمان، وكان ديدن حكمه البسطار والرفس كالحمار. وكانت أوضاع تلك المخلوقات سيئة من حيث ضيق الحال وانشغال البال وانعدام كل الآمال. ومع تدهور الأوضاع وانشغال الحاكم بالمتاع، قررت فئة من المخلوقات التوجه إلى الجسر وعبوره بحثا عن الأمل. وبدأ هؤلاء بالتحضير لحملتهم من خلال حشد كل الطاقات ونشر الخبر على كل المستويات حتى وصل إلى أسد الزمان. فما كان من ذلك الأخير إلا أن عقد اجتماعا طارئا مع مستشاريه، خاصة وأن يوم العبور قد اقترب. وبعد كثير من النقاش والجدال والتفكير والقتال توصلوا إلى نتيجة مفادها أن العبور لا يمكن أن يحصل. وأنهم لا يجب أن يسمحوا لأي كان أن يعبر الجسر وإلا فإن المخلوقات جميعا ستقوم بعبوره وعندها لن يبق أحد على طرف الحافة ليكون أسد الزمان حاكما عليه.

بناء على ذلك قاموا بالتحرك الفوري ودفعوا بكل المخلوقات المؤيدة لهم إلى الحافة حتى تمنع وصول الطموحين إلى الجسر. وفي نفس الوقت أشاعوا أخبارا مفادها أن هذا الجسر سينقلهم إلى اللامكان وإلى الفراغ الذي يخشاه الجميع. كما قاموا بإرهاب المخلوقات من خلال القيام بعمليات قتل وترويع ونسبها إلى مخلوقات تأتي متخفية عبر الجسر من الطرف الآخر. ومع قدوم يوم العبور كانت عزيمة غالبية المخلوقات قد ضعفت، إلا أن بعضا منها كان مصرا على التضحية في سبيل الآخرين، وبالفعل توجهوا باتجاه الجسر حيث كان بانتظارهم أتباع أسد الزمان وبعد مواجهات دامية تمكنت مجموعة صغيرة من الهرب وعبور الجسر بسلام حتى اختفوا عن الأنظار. في اليوم التالي كان خبر العبور شاغل أحاديث كل المخلوقات، بينما أصر مؤيدو أسد الزمان على النفي وقاموا باعتقال كل من تكلم عن الحدث.
يتبع...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق