منقول - رابط المقال الأصلي هنا
الكاتب: وجد شعلان | سيروريا
نظراً لحساسية الموضوع سأقوم في البداية بالتنويه بأن هذه المقالة تهدف إلى قراءة التكوين التاريخي للطائفة العلوية من أجل مقاربة هذه النقطة الحساسة بأدوات معرفية بدلا من المقاربات المتشنجة والموتورة التي تشهدها الساحة السورية هذه الأيام، فعلى الرغم من تأكيد الانتفاضة السورية على التزامها بموقف مدين للطائفية فإن النظام يظهر يوماً بعد يوم خالياً من أي وازع سواء كان إنساني أو أخلاقي أو أو وطني أو حتى طائفي. انتماؤه الوحيد هو لذاته المتورمة ونرجسيته المتضخمة وهو يراهن اليوم على إشعال سوريا والمنطقة من منطلق أنا ومن بعدي الطوفان ويرمي أوراقه القذرة يوماً بعد يوم، ولعل أكثر ما يسترخص المتاجرة فيه هو الطائفة العلوية حيث يسعى إلى استخدامها وقوداً لاقتتالات أهلية في محاولة يائسة لتمديد أيام استبداده.
أن نقول لا للطائفية لا يعني أن نتجاهلها، بل لا بد من الاعتراف بالأزمة الوطنية التي تصيب سوريا والتي يشكل المزاج الطائفي السائد حالياً أحد أبرز اشكالها بشكل يهدد الوحدة الوطنية ولحمة النسيج الوطني، سوريا تكون غنية بتعددها وتنوعها الثقافي عندما يسود جو من الانفتاح والمصارحة في ظل دولة مدنية ديموقراطية، أما سوريا اليوم فهي بلد مأزوم طائفياً، ولم يقم هذا النظام "العلماني" القومي" "التقدمي" إلا بترسيخ البنى الأهلية الطائفية والعشائرية والأثنية والعودة بالخطاب السياسي السوري إلى قرون مضت عبر تحول عبارات مثل "مكونات المجتمع السوري" في الخطاب السياسي السوري المعاصر إلى عبارة مفتاحية وعبر بحث المعارضة عن صيغة تمثيلية لكافة أطياف المجتمع السوري بشكل يذكرنا بدراما باب الحارة.
سنحاول في السطور التالية أن نقرأ أهم العوامل السوسيولوجية والتاريخية والثقافية التي تساهم في صياغة مواقف السوريين المنحدرين من هذه الطائفة ومحاولة تقديم الفهم الأعمق ومناقشة الكثير من الآراء والغوغاء التي يتم تداولها بخصوص هذه المسألة الحساسة.
حتى مطلع الستينات :
- للطائفة العلوية طابع ريفي حيث تنتشر في قرى الساحل السوري وشريطه الجبلي، وقد هاجرت مع باقي الريف السوري إلى المدن في بداية الستينات وحافظت مثلها مثل باقي الريف السوري المهاجر على طابع الكانتونات ولم تستطع أن تندمج في البنية المدنية نظراً لأن المدن التي هاجرت إليها أقرب إلى المدن الريفية منها إلى مدن كبيرة تستطيع أن تدمج المهاجرين فيها كاللاذقية وطرطوس وبانياس ومصياف وجبلة وطرطوس والحفة والرستن وجسر الشغور والغاب..
- الريف العلوي ريف فقير جداً حيث تندر المناطق السهلية التي تصلح لزراعة انتاجية قادرة على مراكمة الثروة ويمتد الريف العلوي على مناطق جبلية وساحلية لا تصلح إلا لزراعات بستانية غير قادرة حتى على تأمين اكتفاء ذاتي للفلاح.
- وبسبب غياب حاضرة مدينية علوية لم تستطع الطائفة أن تقوم بإعادة إنتاج هوية دينية عصرية وتأصيل الطقوس العلوية في الدين الإسلامي وبسبب اضطهاد الطوائف الأخرى وعدم اعترافها بالطائفة العلوية كوجهة نظر إسلامية واقتصار رجال الدين على فئة ضيقة ومتعالية ومتفصلة مع الإقطاع لم تنجح الطائفة العلوية في بلورة هوية دينية ذات حضور ومشروعية شعبية فلا يوجد حتى يومنا هذا مراجع دينية علوية ذات وزن فكري وعقائدي داخل الطائفة وبالتضاد مع الطوائف الأخرى. وهذا ما سمح لمشايخ باقي الطوائف بالهجوم على عقائد الطائفة العلوية وتسفيهها والحط من قيمتها على الرغم من ارتكازها تاريخيا على معتقدات روحية إسلامية وهندية وإغريقية ذات وزن لا يستهان به.
- ولأن الطائفة فقيرة فقد وجد أبناؤها من المتعلمين في الجيش "المبني أقلوياً منذ أيام الانتداب" ملاذاً يوفر عليهم مصاريف الدراسة ويساهم ارتقائهم اجتماعياً وتغلغلهم تدريجياً في أجهزة الدولة وبنية السلطة.
- هذه المجموعة من العوامل ساهمت في تكريس طابع عسكري ريفي وعلماني (قومي عربي أو يساري أو قومي سوري) متشنج في تعامله مع موضوع الدين وذو نزوع يساري (يسار ريفي مهتم بالمسألة الفلاحية)
حتى بداية الانتفاضة
- عمل النظام السوري على زيادة عدد المتطوعين في الجيش والأجهزة الأمنية في مناطق الريف العلوي خصوصاً وباقي مناطق الأقليات عموماً وعمل على زيادة عدد الموظفين الحكوميين من هذه المناطق وتسليمهم مناصب حساسة بحيث يضمن ولاء الطائفة العلوية وتضامن الأقليات معه خصوصاً بعد تكريس خطاب إعلامي يدعي فيه العلمانية ويدعي أن علمانيته هي حامي الأقليات وضامن التعددية في سوريا.
- عمل على القضاء على كافة التيارات المعارضة التي انتشرت في الريف العلوي مثل حزب العمل الشيوعي وحزب البعث (الديموقراطي) وعمل على القضاء على كافة الشخصيات المستقلة والزعامات الأهلية الشريفة والتضييق عليها وشراء ولاءها.
- فتح باب التطويع وزيادة التوظيف الحكومي والقضاء على كل صوت معارض بين أبناء الطائفة العلوية ساهم في خلق "طبقة" سياسية عسكرية كاملة الولاء وذات وظيفة عضوية في بناء هذا النظام والحفاظ على هيكليته وتسييدها على كافة فئات الريف العلوي وهيمنة عقليتها عليه حيث أن ضابط الأمن يستطيع عبر نفوذه على كافة أجهزة الدولة أن يوظّف العديد من أبناء قريته وان يسدي "الخدمات" للكثير من أبناء قريته مما يجعله عضواً مركزياً في هذا المجتمع الريفي المغلق وذو هيمنة شاملة و "مونة" حتى على الرقاب.
منذ بداية الانتفاضة
عمل النظام على تكريس خطاب إعلامي يعتمد على ثلاثة مكونات رئيسية
1- مؤامرة خارجية تهدف إلى القضاء على نظام الممانعة.
2- مندسين داخليين أو عصابات مسلحة أو جماعات سلفية تقوم بتنفيذ هذه الأجندات.
3- تخويف الأقليات الدينية وتخويف السوريين من الفوضى التي ستسود سوريا في حال سقوط النظام.
هذا المركب الإعلامي يهدف إلى مخاطبة الخارج ومخاطبة الأقليات وبرجوازية المدن عبر التخويف من الفوضى والطائفية.
بعد هذه المجموعة من الملاحظات يمكن لنا أن نخلص إلى النتائج التالية :
- لا يمكن أن تشهد مناطق الطائفة العلوية التحاقاً شعبياً بالانتفاضة نظراً إلى البنية الاجتماعية الثقافية التي صاغها النظام السوري أو التي عمل على تكريسها في مناطق تواجد هذه الطائفة.
- يمكن لكبار رجال النظام من أبناء الطائفة العلوية ممن يملكون انتماء وطني (أو على الأقل انتماء طائفي) أن يملك مفتاح الحل عبر التفاوض مع الروس مثلاً على صيغة معينة للتغيير تشبه الصيغة التي عقدها المجلس العسكري المصري ونتجة ضغط ونضالات الشعب المصري العظيم.
- لا يمكننا أن نلوم أبناء الطائفة العلوية على عدم التحاقهم الشعبي بانتفاضة الكرامة السورية إلا بالقدر نفسه الذي نلوم فيه أبناء المدن الكبيرة كحلب ودمشق فقد أثبتت انتفاضة سوريا بعد أحداث درعا أن للاقتصاد دورا مهما فيها فلم تلتحق بالانتفاضة سوى المدن الريفية المهمشة التي عانت من زوال التجارات التي تعتاش عليها نتيجة فتح الأسواق للواردات التركية والصينية (العديد من ضواحي دمشق المنتفضة) والتي عانت من إهمال حكومي تاريخي(الدير ، ، القامشلي ، ادلب وريفها ، ريف حماة ،حمص وريفها).
- بعد وصول الانتفاضة السورية إلى مرحلة ما بعد حماة يفترض أن تعيش كل مناطق سوريا تعبيرات احتجاجية ولا يمكن تبرأة أي منطقة وبأي حجة، لقد اتضح أنها معركة إما نحو سورية الحرة المدنية الديموقراطية وإما نحو سوريا كمملكة أسدية.
- سقوط النظام في سوريا سيؤدي إلى خلخلة البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تنظم حياة أبناء الطائفة العلوية ولكن الطائفة العلوية تستطيع حصر آثار هذه الخلخلة نظراً إلى النفوذ الكبير لأبنائها في المؤسسة العسكرية والذي لا ينحسر مباشرة بعد سقوط النظام ونظراً إلى وجود عدد كبير من أبنائها في مؤسسات الدولة من تكنوقراط وبيروقراط ونظراً إلى التسلح الكثيف بين أفراد الطائفة ولوجود عدد كبير من المثقفين السوريين من أبناء هذه الطائفة. ونظراً إلى وزنها الديموغرافي الذي لا يستهان به. وتمركزها الجغرافي في مناطق الساحل وفي جبال العلويين.
- أبناء الطائفة العلوية بعد سقوط النظام سيكونون الأكثر سورية فهم أبناء ريف فقير مما يضمن دفاعهم المستميت عن العدالة الاجتماعية وهم أبناء طائفة دينية أقلوية جهازها الديني هش اجتماعيا وعقائدها متصدعة مما يضمن دفاعهم المستميت عن مدنية سوريا وتعدديتها و سيضمن ذلك دفاعهم عن أعمق فهم للديموقراطية باعتبارها حكماً للأغلبيات مع الحفاظ على حقوق الأقليات .. العلويون بعد سقوط النظام سيقولونها وستكون صادقة .. أنا طائفتي سوري .. ولكن دون صور الأسد أو أي حيوان آخر.
- فتح باب التطويع وزيادة التوظيف الحكومي والقضاء على كل صوت معارض بين أبناء الطائفة العلوية ساهم في خلق "طبقة" سياسية عسكرية كاملة الولاء وذات وظيفة عضوية في بناء هذا النظام والحفاظ على هيكليته وتسييدها على كافة فئات الريف العلوي وهيمنة عقليتها عليه حيث أن ضابط الأمن يستطيع عبر نفوذه على كافة أجهزة الدولة أن يوظّف العديد من أبناء قريته وان يسدي "الخدمات" للكثير من أبناء قريته مما يجعله عضواً مركزياً في هذا المجتمع الريفي المغلق وذو هيمنة شاملة و "مونة" حتى على الرقاب.
منذ بداية الانتفاضة
عمل النظام على تكريس خطاب إعلامي يعتمد على ثلاثة مكونات رئيسية
1- مؤامرة خارجية تهدف إلى القضاء على نظام الممانعة.
2- مندسين داخليين أو عصابات مسلحة أو جماعات سلفية تقوم بتنفيذ هذه الأجندات.
3- تخويف الأقليات الدينية وتخويف السوريين من الفوضى التي ستسود سوريا في حال سقوط النظام.
هذا المركب الإعلامي يهدف إلى مخاطبة الخارج ومخاطبة الأقليات وبرجوازية المدن عبر التخويف من الفوضى والطائفية.
بعد هذه المجموعة من الملاحظات يمكن لنا أن نخلص إلى النتائج التالية :
- لا يمكن أن تشهد مناطق الطائفة العلوية التحاقاً شعبياً بالانتفاضة نظراً إلى البنية الاجتماعية الثقافية التي صاغها النظام السوري أو التي عمل على تكريسها في مناطق تواجد هذه الطائفة.
- يمكن لكبار رجال النظام من أبناء الطائفة العلوية ممن يملكون انتماء وطني (أو على الأقل انتماء طائفي) أن يملك مفتاح الحل عبر التفاوض مع الروس مثلاً على صيغة معينة للتغيير تشبه الصيغة التي عقدها المجلس العسكري المصري ونتجة ضغط ونضالات الشعب المصري العظيم.
- لا يمكننا أن نلوم أبناء الطائفة العلوية على عدم التحاقهم الشعبي بانتفاضة الكرامة السورية إلا بالقدر نفسه الذي نلوم فيه أبناء المدن الكبيرة كحلب ودمشق فقد أثبتت انتفاضة سوريا بعد أحداث درعا أن للاقتصاد دورا مهما فيها فلم تلتحق بالانتفاضة سوى المدن الريفية المهمشة التي عانت من زوال التجارات التي تعتاش عليها نتيجة فتح الأسواق للواردات التركية والصينية (العديد من ضواحي دمشق المنتفضة) والتي عانت من إهمال حكومي تاريخي(الدير ، ، القامشلي ، ادلب وريفها ، ريف حماة ،حمص وريفها).
- بعد وصول الانتفاضة السورية إلى مرحلة ما بعد حماة يفترض أن تعيش كل مناطق سوريا تعبيرات احتجاجية ولا يمكن تبرأة أي منطقة وبأي حجة، لقد اتضح أنها معركة إما نحو سورية الحرة المدنية الديموقراطية وإما نحو سوريا كمملكة أسدية.
- سقوط النظام في سوريا سيؤدي إلى خلخلة البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تنظم حياة أبناء الطائفة العلوية ولكن الطائفة العلوية تستطيع حصر آثار هذه الخلخلة نظراً إلى النفوذ الكبير لأبنائها في المؤسسة العسكرية والذي لا ينحسر مباشرة بعد سقوط النظام ونظراً إلى وجود عدد كبير من أبنائها في مؤسسات الدولة من تكنوقراط وبيروقراط ونظراً إلى التسلح الكثيف بين أفراد الطائفة ولوجود عدد كبير من المثقفين السوريين من أبناء هذه الطائفة. ونظراً إلى وزنها الديموغرافي الذي لا يستهان به. وتمركزها الجغرافي في مناطق الساحل وفي جبال العلويين.
- أبناء الطائفة العلوية بعد سقوط النظام سيكونون الأكثر سورية فهم أبناء ريف فقير مما يضمن دفاعهم المستميت عن العدالة الاجتماعية وهم أبناء طائفة دينية أقلوية جهازها الديني هش اجتماعيا وعقائدها متصدعة مما يضمن دفاعهم المستميت عن مدنية سوريا وتعدديتها و سيضمن ذلك دفاعهم عن أعمق فهم للديموقراطية باعتبارها حكماً للأغلبيات مع الحفاظ على حقوق الأقليات .. العلويون بعد سقوط النظام سيقولونها وستكون صادقة .. أنا طائفتي سوري .. ولكن دون صور الأسد أو أي حيوان آخر.
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفأول مقال أجده موضوعي عن الطائفة العلوية وبدون تحيز وبعيد عن المبالغات ، شكرا لكاتب المقال
ردحذفنأسف على حذف أحد التعليقات بسبب الصبغة العدائية ضد طائفة برمتها.
ردحذفنرجو من جميع السوريين أن يعلم أن الثورة السورية ليست ملكا لأحد دون الآخر. و الثورة ممثلة بالجميع و من كل الطوائف و الأطياف بما فيهم العلويين.