بقلم: فاضل حسين - كتبها بتاريخ 27-08-2011 على مدونته
بعد النجاحات التي حققتها الثورة الليبية في طرابلس وما حولها وباقي مناطق ليبيا وازدياد القمع والاجرام من جانب النظام السوري تجاه المتظاهرين والناشطين السوريين، تعالت الاصوات في سورية المطالبة بحماية المدنيين على غرار ما حصل في ليبيا، وهذا ما أثار الجدل بين اطياف المعارضة السورية من جهة وبين المعارضة والمؤيدين للنظام السوري والنظام السوري نفسه.
وهناك الكثير من العوامل الخارجية والعوامل الداخلية التي تجعل هكذا طلب او تدخل عسكري لحماية المدنيين بعيد التحقق، رغم انه احتمال قائم.
فمن اهم العوامل الخارجية هو حساسية الوضع في سورية من ناحية ارتباط نظامها بالنظام الايراني وبعض القوى الاقليمية التي قد تعمل لصالح نظام الاسد في زعزعة الاستقرار الهش في المنطقة باضافة الى الدعم الروسي والصيني.
ومن العوامل الخارجية الهامة صعوبة تدخل الناتو في سورية على عكس ليبيا وذلك بسبب التضاريس الصعبة في المنطقة الساحلية والجبال المطلة عليها وسهل الغاب الذي يعتبر من معاقل المؤيدين الرئيسيين للنظام والحاجز الطبيعي الذي سيواجه طائراته قبل الوصل الى العمق السوري انطلاقا من حاملات الطائرات في البحر المتوسط فعمليات الدعم والانقاذ والبحث لن تكون بالسهولة التي كانت في ليبيا ذات الطبيعة السهلية مما سيزيد من تكلفة العمليات الجوية فوق تلك المناطق وازدياد الاعتماد على القواعد المحيطة بسورية وعلى القواعد المؤقتة التي قد ينشأها في البلدان المجاورة التي قد لا تقبل بذلك او ان لا تكون مقبولة من شعب المنطقة كاسرائيل.
ومن العوامل الخارجية هو مصدر تمويل العمليات العسكرية، فسورية ليس ليبيا من ناحية الثروة النفطية، فالانتاج اليومي من النفط السوري لا يتجاوز ربع ما كانت تنتجه ليبيا قبل ثورتها باضافة الى طبيعة النفط السوري الثقيل الملكف التكرير بعكس النفط الليبي الخفيف، بالاضافة الى اموال سورية في بنوك اوروبا وامريكا التي لا تقارن باموال ليبيا المجمدة هناك.
والعوامل الداخلية كثيرة وهامة نذكر منها: رفض طيف واسع من الشعب السوري و الشعوب العربية والصديقة المحيطة بسورية التدخل الغربي العسكري المباشر بها بسبب عدم الثقة المتأصلة في وجدان الشعب العربية والمسلمة عامة والسوري خاصة بالغرب نتيجة دعمه اللانهائي للكيان الصهيوني ضد اخوانهم الفلسطينيين، والتخوف من ان هكذا تدخل ربما سيؤدي الى تفيت سورية الى دويلات متعددة وعلى رأسهم منطقة الساحل السوري بجبالها لتكون دولة ذات صبغة طائفية معينة مما يعني حرمان باقي سورية من الواجهة البحرية على المتوسط باضافة طبعا الى التكلفة البشرية العالية التي سيخلفها هكذا تدخل عسكري.
ومن العوامل الداخلية هو التزام الجانب السلمي بشكل شبه كامل من قبل المتظاهرين والسياسيين والمعارضين في سورية ولن يكون هناك فريق يقاتل على الارض كما حصل في ليبيا في سبيل اسقاط النظام عسكريا فمن المعلوم ان الضربات الجوية او الحصار الجوي لن يسقط النظام ابدا ولنا في التجربة العراقية مثال جيد على ذلك في مرحلة حرب الخليج الاولى والثانية.
مع مرور الوقت وسقوط المزيد من الشهداء في سورية يزداد الحاجة الى حماية المدنيين والمتظاهرين والنشطاء والسياسيين المعارضين، ومع ضعف احتمالية التدخل العسكري على غرار ليبيا يبدو ان هناك حل وحيدا في الوقت الحالي وهو الضغط لاصدار قرار من مجلس الامن لارسال مراقبين مدنيين دوليين الى سورية للوقوف على صدقية النظام السوري الذي مازال يكذب اخبار عملياته العسكرية ضد المدنيين للوقوف على الحقيقة ومراقبة سلوكه الذي يدعي انه ليس كما ينقل من قبل النشطاء السوريين.
ان هكذا قرار سيكون قرارا وسطا فيساهم في حماية المدنيين ويوقف خطر التدخل العسكري المكلف ماديا وانسانيا، وادعوا كل من اقتنع بهذا الرأي العمل عبر التنسيقيات والنشطاء لنشر هذه الفكرة كمطلب جماهيري في الوقت الحالي وانتظار ردة فعل النظام السوري تجاه هذا المطلب، فإذا لم يستجب وتمنع عن ذلك فيكون قد كتب صفحة جديدة من الثورة السورية التي لن تتراجع الا عن تحقيق مطالبها باي طريقة كانت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق