في كل الجرائم التي تحدث هنالك مشتبه فيهم. بالعادة هم أشخاص مستفيدون من النتائج. اليوم على أرض سوريا إني أرى جريمة تحدث و المستفيد المباشر فئتان و الخاسر الأكبر هو شعبي السوري.
الفئة المستفيدة الأولى هي نظام الحكم في سوريا و الفئة الثانية هي الثورة السورية بصفحتها و أتباعها من وسائل الاعلام التي اثبتت عدم مصداقيتها. فيما يلي شرح في استفادة كل فئة، و لكن بداية يجب التنويه الى أن هذه الوريقة هي وجهة نظر يرجى منك أيها القارئ اغناءها.
الخوف سلاحٌ خطير ذو حدين، ترى الناس مجتمعة على الحلو و المر. و رغم فوارقها الطبقية و الدينية تراها متوحدة في وجه الخطر الخارجي و دعاة الفتنة و خلف قيادة النظام. هذا تماماً ما يجري تطبيقه من قِبل النظام السوري. فالناس كلها تخشى الانقسام الطائفي و النظام يلعب على هذا الوتر. رأيناه على وسائل اعلام النظام و سمعناه على لسان شعبان المرتبكة و على لسان الأسد في سوق عكاظ. بالتطبيق، يتم الافراج عن معتقلين اسلاميين و اكراد و اغلاق كازينو المطار و اعادة المنقبات للعمل وكأن المشكلة هي بين النظام من جهة و تنظيم معارض اسلامي متشدد أو حركة كردية انفصالية. و بنفس الوقت يناسى النظام معتقلي الرأي من الشباب العلماني حيث أن لا مصلحة للنظام بوجود معارضة علمانية معتدلة. ثم يروج اعلام النظام لنظرية مؤامرة جديدة وهي مخطط بندر بن سلطان المبنية على استغلال طبيعة سوريا المتنوعة الأعراق و الديانات و الطوائف. بالنتيجة، ترى الناس خائفة و تتمنى الأمن و الاستقرار و لا تفكر لا بالديموقراطية و لا بالحرية حيث أن الناس ان دعت بهذه المطالب تكون تخدم التطرف و الانفصاليين. و بهذه الطريقة سيكون الشعب ممتناً من القيادة اذا أعادت الأمن للبلد و سيوافق الشعب على أي قانون يتم تمريرره بدلاً من قانون الطوارئ.
الغضب سلاح أخطر من الخوف، فمهما كان الانسان واعياً و مثقفاً، ستجده يتجه للتطرف في الرأي عندما يغضب. وهذا تماماً ما يتم تسويقه اليوم، ثقافة الغضب الأعمى. شبكة أخبار الشام وصفحة الثورة السورية، كما أراهما، هما صفحتان تسوقان الغضب و تهتم بنقل الأخبار الصحيحة و الكاذبة بهدف استثارة حفيظة الناس و تحريك مَن قرر الجلوس كمشاهد او رفض التدخل.
لا يخفى على أحد الخطاب الطائفي و العشائري المبطن للصفحة و متحدثيها و شهود عيانها. الأخطر من ذلك هم الأشخاص "الباحثين و المنمين" في الوضع السوري من ذوي الثقافة و المهارة اللغوية وخصوصاً اللغة الانكليزية. تراهم يبثون سمومهم على شاشات الفضائيات الاجنبية والعربية. حتى أن رويترز صارت تفتتح أخبارها عن سوريا بتوزيع المسميات الطائفية على أطراف النزاع. و المصيبة أن الناس لا تعرف مَن تصدق، فالقنوات الرسمية باهتة المعالم و بعيدة عن الواقعية، و الفضائيات الأجنبية و العربية تعرض لنا فيلماً سينمائياً من انتاج هوليود.
لن أقفز لنتائج أو توصيات أو أية نصائح، سأختم كلامي بملخص الكوابيس التي تروادني خلال النوم منذ فترة:
كابوس الجمعة مساءً: الناس تصدق النظام، أجلس في بيتي أتابع قناة دنيا تبث اعترافات المسلحين المدفوع لهم من خدام و الحريري. أنتظر رفع قانون الطوارئ و الاصلاح السياسي و مكافحة الفساد. بدلاً من ذلك، أرى قانون مكافحة ارهاب و أرى صورتي مع المئات مع لافتة مكتوب عليها "المندسين". أدخل السجن و تغيب اخبار سوريا عني.
كابوس السبت مساءً: الناس تتهم النظام بفبركة الأحداث، نثور كلنا، أنزل الى الشارع و الغضب الشعبي عارم. الأمن يطلق النار. اصابات بالمئات. يجتمع مجلس الأمن، حظر جوي و ضربات عسكرية بمشاركة عربية. يزول النظام و يتفق رموز المعارضة في الخارج على شخص رئبال الأسد و خدام و قيادة أخوانية لقيادة مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية. أصاب بجلطة و أفارق الحياة.
كابوس الأحد مساءً: ثورة شعبية عارمة يقابلها موالاة مستميتة. حمامات من الدم ثم نتحول إلى عراق جديد. أجلس في بيتي أبكي على أصدقائي الذين حلموا بالديمقراطية ولم يعيشوا ليمارسوها.
الحلم الذي أتمنى رؤيته: سوريين و سوريات من كل المناطق و كل الطوائف و الأطياف تتجمع في الساحات في اعتصام سلمي مفتوح. يخرج الرئيس و يعلن تحويل كل أقرابائه، أصدقائه و المفسدين للتحقيق و عن تنحيه و العودة لبريطانيا لمتابعة دراسته في الطب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق