٢٠١١-١٠-٢٠

معمّر لم يُعمّر كما أراد

معمّر لم  يُعمّر كما أراد
بالعادة لا أكتب عن خبر استهلكته الأخبار و لا أعلّق على قصة عقّب عليها الآلاف من الناس و المحليلين السياسيين ولكن انسانيتنا تفرض علينا اليوم أن نكتب عن هذا الرجل. أن نكتب فرحاً أو حزناً, شماتة أو رثاءً. ولكن و بكل الأحوال علينا أن نكتب. فهو, وبلا شك, شخص سيذكره التاريخ. شخص سنذكره في ذكرياتنا و قصصنا التي سنرويها لأولادنا و أحفادنا. ستكون هذه القصص طريفة تارة ومحزنة تارة أخرى. سنتحدث عن طرائف ملك ملوك أفريقيا و عميد الحكام العرب. سنتحدث عن كتابه الأخضر و عن حارساته الشخصيات اللات لم يحمينّه حين أُعدم بيد الثوار. كيف مات وهو من سكّان الجحور بعد أن
سكن طيلة حياته في الخيام المرفهة و القصور. سنذكر دماء الشهداء و المساكين من الليبيين و غيرهم الذين سقطوا بسبب غروره و تسلطه. سنبكي ليبيا التي حاربت سنوناً و أراقت الدماء لتخلع الاستعمار و من ثم أتى ذلك الشاب ذو الـ27 عاماً المسمى معمر بثورة بيضاء ليستعمر ليبيا مرة جديدة. سنتندّر بحذائه الذي كان يعرضه على شاشة التلفزيون الليبي. سنحتفظ بمقاطع فيديو مشاجراته في القمم العربية لأننا لن نرى مثلها بعد اليوم.

ولكننا في خضم ذكرياتنا قد ننسى أهم ما يجب أن نتذكره.. يجب أن نتذكر أنه كان مثالاً على طيبة قلبنا و على غبائنا فنحن من سمح لأمثاله بالقدوم إلى الحكم و البقاء فيه طيلة هذه السنين. يجب أن نذكر أن بلادنا يجب ألّا تحكم من شخص واحد لكي لا يتألّه. يجب أن نتذكر و بحزن شديد أننا اضطررنا أن نستعين بأمثال الناتو لنخلعه, أننا قامرنا بسيادتنا لننال حرّيتنا. يجب علينا تقديس حرّيتنا و كرامتنا التي داسها و غيره من الملوك و الرؤساء العرب. يجب أن نذكر أن هذه البلاد بلادنا و ليس مزارع لهم يلقبونا بأسمائهم أو يلونوها بألوانهم المفضّلة. 

ولكن و على الأقل, يمكنني أن أتذكر كل هذا و على وجهي بسمة الانتصار و في أذني ترن أغنية "زنغا" وفي مخيلتي أتخيّل صعوبة مهمة ملائكة الموت وهي تحاول أن تقنعه أنه قُتل و هو يصرخ بهم: "من أنتم؟؟ قد أكون قد قتلت و لكنني لم أمت!".

هناك تعليق واحد: