٢٠٠٩-٠٨-٢٩

تساؤلات (منار الأحدب) على كلام (بشار الأسد) (من أرشيف الدومري السوري)

الكاتب: منار الأحدب

من لقاء بشار مع وفد الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي اقتبس مايلي:
إقتباس (1): " والآن ما الذي يمنع لجنة التحقيق من مقابلة الضباط في سوريا أو في مقر الجامعة العربية في القاهرة، لكنهم يريدون الأمر في لبنان، وهذا له تفسير واحد وهدف واحد وهو إذلال سوريا وهو أمر لا نقبله ولن نقبله، ونحن قلنا بالتعاون مع التحقيق بما يحفظ كرامة سوريا وسيادتها واستقلالها، وخلاف ذلك لا نقبل".
تساؤلات:هل ستذل سورية وستفقد (كرامتها وسيادتها واستقلالها) إذا تم التحقيق مع آصف شوكت (وصحبه) في لبنان ولن تذل في بلد أخر؟؟ وهل هي حجج من يريد أن يتهرب من التحقيق؟؟وهل سيحمي بشار كرامتنا إذا تم توجيه ضربة لسورية أم انه سيحتفظ بحق الرد في نفس الدرج الذي خبأ فيه كرامتنا؟؟
اقتباس (2): "نحن نعرف الأمر ببساطة تفيد بان كلفة الصمود هي اقل من كلفة التنازلات،"
تساؤلات:تكاليف الصمود من سيدفعها؟؟ ........الشعب والتنازلات من سيقدمها ؟؟ ........ النظام لماذا لا يدفع النظام تنازلاته ليوفر على شعبه كلفة الصمود؟؟ إن كان يهتم.
أقتباس (3): "ونحن نتوقع حصارا اقتصاديا وحصارا دوليا ماليا وسياسيا، ولا نستبعد حتى قيام البعض بضربات عسكرية ضد أهداف رسمية او عسكرية في سوريا،"
تساؤلات:بشار مستعد أن يضحي بـ (اقتصادنا ومالنا وسياستنا.... ودمائنا) فداء لآصف شوكت (وصحبه)!!بصفتي مواطن من الشعب السوري لم أخوله بذلك فهل خوله احد منكم؟؟

حوار مع النائب السوري رياض سيف داخل سجنه (من أرشيف الدومري السوري)

الكاتب : شعبان عبود

منذ وقت طويل، كان هاجس صحافي داخلي، باللقاء به والحوار معه في سجنه، يلاحقني. حاولت منذ عام بطرق عدة غير أني لم أوفق.
ربما كان دافعي معرفتي بالرجل وإحساسي مثل كثيرين غيري أنه تعرض لحكم ظالم بسجنه بغية تغييبه، سواء لأنه سجل حضورا مميزا في الحراك السياسي الداخلي الذي حصل بالتزامن مع وصول الرئيس بشار الأسد الى السلطة، وهو الحراك الذي توقف بعد اشهر قليلة من ذلك، أو بسبب إنتقاده العلني لإحتكار أحد رجال الأعمال من الجيل الشاب المحسوب على النظام قطاعا اقتصاديا حيويا كالخليوي.
في النهاية، وبمساعدة أحد الأصدقاء، نجحت بتأمين بطاقة زيارة للسيد رياض سيف في سجنه بصفة صديق وليس كصحافي.
وخلال الوقت القصير الذي سبق لقاءه كنت أفكر بما سأطرحه عليه من أسئلة وأستذكر آخر محاضرة في منزله في ضاحية صحنايا جنوب دمشق منذ أكثر من ثلاث سنوات، وكانت للمفكر السوري برهان غليون، وقد تم إعتقال سيف بعد ذلك بيومين ، أي في ليلة 7/9/2001 وبتاريخ 4/4/2002 حكمت المحكمة الجنائية (المدنية) في دمشق عليه بالسجن خمسة اعوام "لاستهدافه تغيير الدستور بطرق غير مشروعة".
كنت طوال الطريق من دمشق إلى منطقة عدرا شرق العاصمة حيث يقع السجن، جالسا في السيارة الى جانب ابنته السيدة جمانة سيف التي كانت تسرد لي اللحظات والأيام الأولى لوقائع الاعتقال وكيفية تعاطي الأسرة مع ذلك، كانت آيلة ذات الأربعة أعوام، ابنة السيدة جمانة، وحفيدة النائب سيف، تجلس في المقعد الخلفي، كانت ترتدي معطفا زهريا وبنطالا أحمر من قماش المخمل.
قالت لي آيلة: "أنا جلبت لجدي كيسا من رقائق البطاطا، وأنت ماذا جلبت له؟". قلت لها كلمات لا أذكرها، غير أني في داخلي كنت أفكر بكتابة تحقيق صحافي جيد له قيمة ما في نفسي، يشبه هدية آيلة لجدها.
لم يكن هناك أي إجراءات أمنية مشددة على باب السجن، هرع شرطي إلى السيارة، ألقى نظرة عادية ثم انطلقنا إلى الأمام بضعة أمتار.
في الطريق إليه حيث ينتظر في غرفة أعدت للزيارة، قمنا بتسليم شرطي آخر بطاقاتنا الشخصية وبطاقات الموافقة على الزيارة التي تم تحصيلها من قصر العدل الكائن قرب سوق الحميدية. طرقنا الباب ودخلنا حيث ينتظرنا. للوهلة الأولى أعتقدت أن سنوات السجن لا بد أنها فعلت فعلها بالرجل، كنت أتوقع رؤية رجل أقل حيوية وحركة وألقا، لكن وجهه الذي استقبلنا بكل هذا الفرح والزهو، بدد كل توقعاتي.
من هنا بدأت، محاولا أن أعرف منه كيف أنتصر على نفسه وعلى السجن والتغييب:
- أستيقظ باكرا، يبدأ يومي حوالى الساعة الثامنة والربع، أقوم بممارسة رياضة الجري والمشي منفردا لمدة 40 دقيقة، بعد ذلك أتناول وجبة الإفطار التي تقدم لي. ومنذ البداية حرصت على تناول طعام السجن. بعد ذلك أقرأ الصحف التي صارت تصلني. في البداية لم يكن ذلك متاحا. اليوم أقرأ الصحف الرسمية ويقوم أحد الأصدقاء من داخل السجن بتوفير الصحف العربية مثل "الحياة" و"السفير" و"الشرق الأوسط"، أنت تعرف أن "النهار" غير متوفرة في الأسواق.
وماذا عن قراءاتك الأخرى، سمعت أنك التهمت كتبا كثيرة؟
- حوالي 150 كتابا، غالبيتها لها علاقة بسوريا، بتاريخها السياسي، وقرأت كتبا عن الاقتصاد السوري، وكتبا لها علاقة بالسياسة بشكل عام وبحقوق الإنسان. كذلك عنيت بمذكرات أكرم الحوراني وجميل مردم وخالد العظم ولطفي الحفار. قرأت روايات لجورج أوريل ورواية لباولو كويلو ومجتمع الرفاه لإيرهارت وكتاب تفسير القرآن لوهبي الزحيلي وغيرها. كذلك إستفدت كثيرا من مكتبة السجن الضخمة، يوجد فيها آلاف الكتب. لكن في سياق ذلك حرصت أن أخضع قراءاتي لمنهج وخطة منظمة.
ما هي مواصفات الغرفة التي تسجن فيها، وماذا يوجد داخلها؟
- هي غرفة عادية،تحتوي على سرير معدني ومرحاض ومغسلة قديمة. لن تصدق فرحتي حين وضعوا لي فيها رفا لأضع عليه بعض حوائجي، كذلك لن تصدق فرحتي حين تم وضع مجلى "ستانلس" بدل المغسلة القديمة. في ما بعد صار عندي رفّان. وبعد فترة طويلة نسبيا من سجني صار بإمكاني ان أدخل آلة تسجيل وراديو وتلفزيون اشاهد منه نشرات الأخبار ، في الثامنة مساء أشاهد أخبار محطة "المستقبل" اللبنانية، وفي الثامنة والنصف نشرة الأخبار على التلفزيون السوري. كذلك تساعدني بعض الكاسيتات من الموسيقى الكلاسيكية في التأمل والتركيز العميق في موضوع معين، أو تبعا للحالة النفسية التي أعيشها. أستطيع القول بعد هذه التجربة أن الإنسان متطلباته بسيطة جدا.
شعرت أنك حريص على موضوع الوقت، واضح أنك تواجهه بطريقة خلاقة؟
- صحيح، ومنذ البداية. لقد دخلت السجن والابتسامة لا تفارق وجهي. كنت أتوقع أن يسجنوني. لم أصب بأي إحباط منذ اللحظة الأولى لسجني. حتى أني لم أحاول أن أبدد الوقت بالبحث عن أصدقاء والتواجد ضمن تجمعات تعمل على قتل الوقت بأي طريقة. كنت حريصا على البحث عن نديم يفيدني. التقيت بمدرّس لغة إنكليزية وبفضله تحسن مستوى لغتي الإنكليزية نطقا وكتابة. كذلك كان لي نديم آخر، هو مهندس له تجارب واسعة في الحياة ومثقف جيد. وبشكل عام يمكنك القول أني راض تماما عن نفسي، أشعر بأني كنت دائما مدينا للشعب السوري بالكثير وإذا كان سجني يفي بعضا من هذا الحق فأنا سعيد بذلك.
هل مرضت؟ من يزورك؟ ومن هم الذين تتمنى أن يزوروك كل أسبوع؟ قلما أمرض، ربما يعود ذلك لأني قررت الاستحمام منذ سنوات السجن الأولى بالمياه الباردة صيفا وشتاء. هذه العادة أكسبت جسدي مناعة قوية، كذلك ساعدت الرياضة في التخفيف والتخلص من كميات كبيرة من الشحوم. يزورني الأهل بشكل دائم، أما الأصدقاء فكنت قد حرمت منهم طوال العامين الأولين من السجن. واليوم ربما للبعض منهم مشاغل معينة وأنا لا أريد أن تكون زياراتهم لي سببا في حصول مضايقة لهم. أما الذين ألح على رؤيتهم كل أسبوع فهم أحفادي (في هذه اللحظة يضم حفيدته، التي كانت تزرع الغرفة جيئة وذهابا، الى صدره ويعانقها). لمن تفتقد وماذا؟
- المرأة، أقصد الزوجة، ودفء المنزل.
بعد ذلك رغبت أن أعود الى قرار الحكم الذي صدر بحقه للوقوف على تفسيره له وأردت أن أعرف كذلك رأيه بالعديد من التطورات التي تجري حوله سواء تلك المتعلقة بالداخل السوري أم تلك التي تجري من حولنا ، كالذي حصل في العراق ويحصل.
عن قرار سجنه قال:
- هناك أسباب سياسية، لم يحتملوا حالة الحراك التي ظهرت في المنتديات. لقد صار النشاط السياسي يكبر وينتشر بوتائر سريعة ورأوا أنه لا بد من تغييب أبرز وجوه وناشطي تلك المرحلة واسكاتهم. ومن ناحية ثانية هناك أسباب تتعلق بقضية احتكار الهاتف الخليوي. خافوا ايضاً من أن يكون فتح هذا الملف مقدمة لفتح ملفات واحتكارات اقتصادية أخرى.
وما رأيك بالتوجهات الأخيرة للحكومة السورية، والتي قررت بموجبها الانتقال نحو اقتصاد السوق؟
- أنا لا أؤمن أن هناك نيات حسنة وصادقة بالتحول نحو اقتصاد السوق، هذا النظام السياسي لا يحتمل متطلبات اقتصاد السوق من حيث المنافسة العادلة وتكافؤ الفرص والشفافية. ان للنظام مصالح احتكارية كبرى، وجزء من أعضاء هذا النظام يسيطرون على النسبة العظمى من الاقتصاد السوري. لذلك فإنه، ومع غياب الشفافية واستمرار الاحتكار، لا يوجد اقتصاد سوق. الجاري حاليا هو محاولة نسخ مشوه وهجين لما يشبه اقتصاد السوق وذلك لأسباب دعائية، ولتوهّم النظام أن ذلك ربما يساهم في حل معضلات كبيرة تهدد وجوده مثل البطالة وتدني الدخل القومي ونضوب النفط. ويجب ألا ننسى انزياح قسم كبير من الثروة القومية الى أيدي رجال السلطة وبطرق غير مشروعة سواء من طريق الاختلاس أو الاحتكار أو الرشوة. هؤلاء اليوم صار عندهم اقتناع بحتمية الانتقال إلى اقتصاد السوق، أي أن يظهروا أمام الناس كمستثمرين وطنيين. لكنهم رغم ذلك سيعبرون عن شراستهم في الوقوف ضد أي تغيير سياسي خوفا من انفضاح مصادر ثرواتهم.
وما رأيك بالذي حصل في العراق؟
- العراق واحد من أغنى بلدان العالم، يملك ثروة بشرية، ومياهه غزيرة، كما يملك ثاني أكبر مخزون نفطي. هذا البلد استولى عليه طاغية فسخره لنفسه ولأسرته وأزلامه وأراد توريثه لأبنائه من بعده. وآلاف من العراقيين الذين عارضوا صدام سجنوا أو قتلوا، كما ان الملايين فروا خارج العراق حفاظا على أرواحهم وصونا لكرامتهم. صدام بدد ثروات العراق وأزهق أرواح عشرات الألوف من العراقيين في حربين عبثيتين. وأصبح الشعب العراقي يرزح تحت نير الفقر، كما أنه أصبح مدينا للخارج بأكثر من 125 مليار دولار. لقد سخر صدام، كغيره من الطغاة من العالم، كل امكانات البلاد لضمان استمرار نظامه مما جعل التخلص منه مهمة صعبة على الشعب العراقي وحده. وصادف أن اجتمعت مصلحة اميركا مع مصلحة الشعب العراقي في إزالة صدام وإزاحته من السلطة. والشعب الاميركي يتحمل في هذه العملية تكاليف ربما تزيد عن 200 مليار دولار بالإضافة إلى أرواح الآلاف من الجنود الأميركيين. وفي الوقت نفسه تمكن الأميركيون من إقناع دائني العراق بإسقاط أكثر من 80 في المئة من ديونه. بناء على هذه المعطيات أين يكمن خلاص الشعب العراقي بعد زوال صدام ونظامه؟ في إقامة نظام ديموقراطي حقيقي يقود إعمار العراق ويعيد بناء الدولة ومخاطبة اميركا بإسم الشعب العراقي وباللهجة الودية والوسائل الديموقراطية لصياغة علاقة متوازنة بين الشعبين والدولتين، في اميركا والعراق. تماما كما حدث في ألمانيا بعد أن حررها الأميركيون من النازية. إن اميركا دولة مؤسسات يحكمها نظام ديموقراطي ولا يمكنها أبدا أن تتجاهل المطالب العادلة للشعوب التي تتحدث بإسمها حكومات شرعية تمثل الشعب، وقد أثبتت التجارب ذلك، فلم تستطع اميركا أن تفعل شيئاً حيال قرار الشعب الأسباني في الانتخابات الأخيرة حجب الثقة عن الحكومة الحليفة لأميركا ونجحت حكومة مناوئة لحرب اميركا في العراق. كما أن أميركا رضخت لقرار البرلمان التركي القاضي بعدم السماح للجيوش الأميركية بالوصول إلى شمال العراق عبر تركيا رغم أنها عضو في حلف شمال الأطلسي الذي تشكل فيه اميركا القوة المهيمنة.
عند نهاية الزيارة ابتعدت أمتار قليلة نحو السيارة وجلست فيها مفضلا ترك الأب وابنته وحفيدته وحدهم، من خلف زجاج السيارة كان هناك مطر خفيف وكنت أرى السيدة جمانة سيف واقفة بلباسها الأسود، يجللها الصمت و تنظر الى الجدّ الذي انحنى و عاد من جديد لضم حفيدته آيلة إلى صدره، زرع على وجنتيها عشرات القبل كما لو أنه يرى في عينيها وألوان ثيابها الزهرية والحمراء ربيعنا المقبل. كنت أرى ذلك جيدا رغم أنه يحصل في سجن.

خبئوا مواطنكم (المدعوس) ليومكم المنحوس (من أرشيف الدومري السوري)

الكاتب: الدومري السوري
منذ صدور تقرير ميليس ولغاية تاريخه إعتصم و خرج في مسيرات إستنكار، (وبطريقة عفوية لا دخل للدولة فيها...!!) فئات الشعب التالية:
الطلاب، العمال، المحامين، الأطباء، رجال الدين، النقابيين، المهندسين، الفنانين، الصحفيين، المدرسين، البرلمانيين، المزارعين، التجار، الصناعيين، السجناء، المعاقين. وربما أغفلت البعض...

والآن من بقي ليخرج إلى الشارع ( بطريقة عفوية...!!!) بعد 15 ديسمبر، موعد تقرير ميليس الثاني؟ لنستذكر معا":
الرقاصات، الفليبينيات، السرلنكيات، القوادين، العاهرات، الروسيات من الملاهي، نزلاء العصفورية، و نزلاء دور العجزة.
اللهم إلاَ إذا كانت دولتنا قادرة على إحياء الموتى للمشاركة بكل هذا الإستنكار (العفوي..!!!)

سفير بسفير

عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستدعاء سفيرها من دمشق منذ ما يقارب أربع سنوات، فإننا لا نذكر أن السلطات السورية قامت باستدعاء سفيرها من أمريكا حفاظاَ على كرامتنا، لا بل حرصت هذه السلطات على الإبقاء عليه هناك حرصاَ على سلامة رقابهم.
عندما قامت الحكومة العراقية باستدعاء سفيرها من دمشق احتجاجاَ على إيواء الأخيرة لعناصر من بعث العراق المخلوع والمشتبه فيهم بدعم العمليات الإرهابية، سارعت الحكومة السورية بسحب سفيرها من العراق للحفاظ على كرامة سوريا كون العلاقات الديبلوماسية يجب أن تكون ندية بين أي بلدين.
وهون منحب نقول: إي تقبرو أمكن يا أعضاء حكومتنا شو رجال وأصحاب كرامة واتحاد ووحدة وحرية، بس خوفنا ما تخسروا هالمبادئ بعد ما انفضح الدوري السوري.

إحذروا... على نقودكم (من أرشيف الدومري السوري)

أصبت بالغثيان وأنا أتابع المؤتمر الصحفي للسيد عبد الله الدردري (ورفاقه) والذي أتى على خلفية احتمال فرض حصار اقتصادي على سوريا.
قال السيد الدردري خلاله: "أقول لأخي المواطن الإنسان البسيط نعتمد عليك في مواجهة التحديات!!"
وحثّ فيه المواطنين على الإسراع للإكتتاب في سندات الخزينة دعما" لليرة السورية.
فهذا المؤتمر لم يكن لطمأنة المواطن بقدر ما كان مؤتمرا" للتغرير بالمواطنين لإنقاذ السياسات الإقتصادية المتخبطة للحزب الحاكم.

لقد حاول السيد الدردري الإيحاء للمواطن أنه من واجبنا الوطني تحت الظروف الراهنة عدم الهرولة لشراء الدولار حفاظا" على قيمة الليرة السورية.

ومن المشاركين في هذا المؤتمر السيد عماد غريواتي، رئيس غرفة صناعة دمشق، والذي أتحفنا بقصة عن أعماله مع إحدى الشركات الأجنبية، تفيد بأنه قد ضاعف من كميات طلبياته معهم خلال هذه الفترة إيمانا" منه بسلامة واستقرار الوضع الإقتصادي القادم.
وهذا أكبر نفاق سمعته في حياتي.
فالجميع يعرف أن كل تجار البلد بدؤوا بإستيراد كميات هائلة من المواد تخزينها ومن ثم ليطرحوها أثناء (الحصار)، فيحققون أرباح خيالية.

ومن المشاركين أيضا" في هذا المؤتمر المضحك/المبكي الدكتور راتب الشلاح رئيس غرفة (تجارة/عصابة) دمشق.
وللذي يهمه الأمر، فإن إسم الدكتور راتب مع بعض أفراد عصابته ورد في تقرير (فولكر) في الأمم المتحدة المتعلق بسرقة أموال العراق، عن طريق إبرام صفقات مشبوهة مع نظام صدام قبل سقوطه. (التقرير متوفر على الإنترنت وهو يفضح الكثير من رجال الأعمال السوريين و(الغير سوريين) وعلى ما أذكر فإن التقرير يشير بأن السيد الشلاح قد قام بصفقات بلغت قيمتها حوالي الأربعمائة مليون دولار، وأنه دفع رشاوي (مذكورة في التقرير) ما يقارب الثلاثين مليون دولار.
وهنا أسأل الدكتور الشلاح الذي يريد إيهامنا أن قلبه على الإقتصاد الوطني، هل صرحت بأرباح تلك الصفقات للمالية في سوريا يادكتور؟ وهل دفعت ضرائبك عنها؟ وهل هذه الأموال مودعة في المصارف السورية؟

وعودة للدكتور دردري، ياسيدي ما يملكه (أخوك المواطن الإنسان البسيط) يعتبر فتاتا" مقارنة" بما يملكه (زيد وعبيد وأنسبائهم)، فلماذا لا تحاول إقناع هؤلاء بتحويل أرصدتهم الموجودة في الخارج بالقطع الأجنبي إلى سوريا وإيداعها في مصارفنا الوطنية؟
إن ما تملكه (شـلّة زيد وعبيد) وحدها يكفي لتخفيف الضغوط على الليرة .

ثم ألم يصرح إعلامنا الرسمي حين سرت شائعة تهجير السيد رامي مخلوف إلى دبي، ألم يصرحوا رسميا" أن الخبر غير صحيح وإنما هو بصدد توسيع أعماله هنالك. فكيف استطاع السيد مخلوف إخراج الملايين من الدولارات خارج سوريا لتوسيع أعماله، وأين كان حاكم مصرف سوريا المركزي وتشريعاته.

وفي الوقت الذي يفترش فيه شبابنا الأرصفة ملوحين بالعلم السوري إحتجاجا" على الضغوطات التي تتعرض لها سوريا، في نفس اليوم الذي كانت تغلي فيه دماء الجميع، تطالعنا بعض الصحف الصادرة في دبي أن السيد مجد سليمان نجل اللواء بهجت سليمان قد اقتنى شقة" في أحد أبراج دبي بقيمة مليونين دولار أميركي.
وكأن كل ما يجري في الشارع السوري لا يعنيه ، طالما أنه هنالك شبابا" يضحون من أجل حضرته.
لم أرد أن أصدق (حكي الجرائد) فسألت ابنة عمي المقيمة في دبي، التي أكدت لي أن الجالية السورية في دبي باتت تتوقف بجانب الشقة وتؤشر عليها بالإصبع فهو لم يخفي أمر شرائها.
ومرة" ثانية أسأل السيد دردري كيف تمّ إخراج المليونين دولار من سوريا؟
إنما هذا كله قطرة في بحر، فما بالكم بما فعله الشاليش والميرو والخدام والشهابي وغيرهم.

والآن يأتون للمواطن البسيط (المعتر) طالبين منه حماية الليرة السورية.
ومع أني لست بإقتصادي مخضرم ، ولكن شراء سندات الخزينة في هذه الفترة بالذات هي أحمق ما يمكن أن يرتكبه أي مواطن حاليا"، معرضا" (تحويشة العمر) للضياع.

وإليكم المبررات:
أولا"- إذا ما تمّ فرض عقوبات إقتصادية على سوريا، فإن الليرة السورية آيلة لسقوط قيمتها حتما". هذا ما حصل مع ليبيا والعراق.
وبالرغم من عائدات النفط الهائلة لتلك البلدين فلم تستطيعان الحفاظ على قيمة عملاتها الوطنية.
لذلك، ومهما حاولت الحكومة السورية التدخل للحفاظ على قيمة الليرة فإنها تبقى خطوة مرحلية، ويبقى هنالك حدود لما تستطيع فعله. فالسيطرة على قيمتها ليس حصرا" بيد الحكومة كما يحاولون طمأتنا.
والمعلوم أن أكبر المضاربات على قيمة الليرة تتمّ خارج سوريا مثل أسواق السعودية ولبنان والأردن، وأول ما سيفعله الصيارفة في تلك الأسواق هو الخلاص من الليرة السورية في حال أقرّت العقوبات الإقتصادية، و وكثرة العرض ستؤدي في النهاية إلى هبوط حاد في قيمة صرفها.

ثانيا"- تهرب السيد دردري من سؤال مهم لأحد الصحفيين، وهو من أين ستدفع الدولة الفوائد التي ستستحق على سندات الخزينة؟
عادة" عندما تطرح الدول سندات خزينة للإكتتاب العام، يكون لديها مشاريع استثمارية ضخمة تستعمل عوائدها لتغطية فوائد هذه السندات. فأين هي تلك المشاريع الضخمة في سوريا؟
(اللهم إلاّ إذا كانت ساحة الأمويين واحدة منها!!).
فإذا لم يكن لدى الدولة أية مشاريع استثمارية لتسديد الفوائد فهذه كارثة، وإذا كانت ستسدد الفوائد من إحتياطي النقد السوري فهذه كارثة أكبر.
أما إذا كانت الدولة ستستخدم عوائد الإكتتاب للإستثمارفي إقتصاديات دول أخرى (مثل دبي)، فعندها لنقرأ على الإصلاح الإقتصادي السلام.

ثالثا"- برغم كل ما يقال، فإن مصرف سوريا المركزي لا يتمتع بإستقلالية مصرفية، فهو تابع أولا" وأخيرا" للنظام الحاكم. فما الذي يمنع صدور قرار بأنه إذا أردنا استرداد أموالنا فعلينا الإنتظار (بالدور)، وماذا لو كان هذا (الدور) ثلاث أو أربع سنوات.

انظروا ما حصل للشباب الذين أرادوا الإكتتاب على السكن الشبابي. فرغم عدم تخصيصهم بأي سكن، فإن الدولة مازالت تماطلهم في إعادة مبلغ التسجيل البالغ خمسون ألف ليرة سورية.
وتذكروا ما حصل في الإكتتاب على السيارات حين أخذوا منّا الدولار بسعر ثلاث ليرات وعند تسليمنا السيارات حاسبونا بسعر خمس وعشرون ليرة للدولار علما" أن قيمة السيارة كان مسددا" سلفا".
ببساطة، نحن نتعامل مع دولة قراراتها فاقدة للمصداقية، وقابلة للتغيير (بشطبة قلم). والمواطن البسيط هو من يدفع الثمن في النهاية.

فلو أشترينا هذه السندات (وتمّ فرض الحصار)، فإننا سنراقب قيمة استثمارنا يتضاءل بينما سعر صرف الدولار يرتفع. وفي المقابل لن تغطي فوائد السندات التي وعدونا بها فرق تحسن الدولار لأن إرتفاعه سيكون كبير جدا".

وإليكم هذا المثال : قبل خطاب الرئيس الأسد الأخير كانت قيمة الدولار 56.25 ليرة، وبعد الخطاب أصبحت قيمته 57.50 ليرة. أي أن الليرة السورية فقدت ما يقارب 3% من قيمتها في يوم واحد فقط .
ولولا تدخل مصرف سوريا المركزي لربما انخفضت ليرتنا أكثرمن 10% خلال هذا الأسبوع. فما بالكم لو أتى الحصار؟
وإلى متى سيستطيع المصرف المركزي تحمل كل هذه الضغوط لإنقاذ الليرة. وهو المفروض عليه فرضا" تأمين الملايين من الدولارات شهريا" لتحويل أرباح شركات الخليوي إلى الخارج. إضافة" إلى كل متطلبات القطر من عملات صعبة؟

سامحك الله يادردري، وسامحكم الله يا غريواتي وياشلاح.
لا تغرروا بالأرامل وكبار السن وأصحاب المعاشات التقاعدية، وإخوتكم المواطنين البسطاء.
إحموهم بدلا" أن تضيق أعينكم على آخر (الليرات الفراطة) التي ادخروها!!! ولكم الثواب عند الله.

سـانا...ومسخرة الأنباء (من أرشيف الدومري السوري)

الكاتب: الدومري السوري
نشرت وكالة سـانا للأنباء الخبر التالي
"بتوجيه من السيد الرئيس بشار الاسد قام السيد علي حمود سفير الجمهورية العربية السورية في الأردن بزيارة المخرج السوري والعالمي مصطفى العقاد في المشفى الذي يعالج فيه عقب أصابته بجروح في الاعتداءات التي وقعت في عمان مساء أمس وأدت إلى مقتل عشرات الأبرياء من بينهم ابنته.. اضافة إلى جرح المئات. وقد نقل السيد السفير الى السيد العقاد وعائلته تعازي السيد الرئيس بشار الاسد بوفاة ابنته ريما.. وأطيب تمنيات سيادته له بالشفاء العاجل. وقد عبر السيد العقاد وعائلته عن عميق امتنانهم للسيد الرئيس على لفتته الكريمة واهتمامه بأبناء الوطن داخل سورية وخارجها. – سـانا."
وأريد أن أسأل كيف عبر السيد العقاد عن امتنانه للسيد الرئيس، وهو في غيبوبة كاملة منذ وقوع الحادث إلى لحظة وفاته.
معرفتي بالسيد العقاد رسمية جدا"، تعرفت عليه في منزله في لوس أنجلوس. حيث كان مثالا" للكرم الضيافة. وفور سماعي بالخبر اتصلت عدة مرات بأصدقاء مشتركين بيننا في عمان لمتابعة حالته. فكانوا دائما" يقولون لي إنه لا يتجاوب مع أي أحد او أي علاج لأنه أصيب بجلطة، إضافة" لجروح خطيرة في رقبته.ولكن بقدرة قادر عبر السيد العقاد لوكالة سانا عن امتنانه للسيد الرئيس.ألم يرى من صاغ هذا الخبر في سانا المخرج عقاد على كافة الفضائيات وهو مستلق في قسم العناية الفائقة (والخراطيم) تخرج من كافة أنحاء جسده وهو يعاني سكرات الموت؟
أم أن المخرج العقاد (رحمه الله)، تمّ يصارع الموت إلى أن استطاع أن يخصّ سانا بهذه الخبطة الصحفية؟
ياجماعة تطالبون بعدم تسييس التقارير... فلا تسيسوا الموت.
رحم الله مصطفى.

صـورة وتعليق (من أرشيف الدومري السوري)


والقبضاي فيكم يحاسبني

الاختيار بين الكوليرا والطاعون (من أرشيف الدومري السوري)

بقلم: حمـد المـاجد
جريدة الشرق الأوسـط


قاتل الله أميركا التي أوقعتنا وأوقعت الأنظمة العربية وشعوبها في حرج بالغ، اختزله معارض عربي وصف الخيار بين الاحتلال الأجنبي أو الاستبداد الداخلي، بأنه كالاختيار «بين الكوليرا والطاعون»، وقاتل الله الاستبداد العربي الذي وصف كل رأي مخالف وكل محاولة سلمية حضارية للإصلاح بالخيانة والارتماء في أحضان الأعداء، وقاتل الله انهزامية الشعوب العربية التي انطلت عليها خدعة المستبدين، الذين جعلوا من ثوابت الوطنية السكوت عن جبروتهم وسطوتهم وفسادهم المالي والإداري.
هذه الانهزامية هي التي شجعت هؤلاء المستبدين لأن يتصرفوا بقدسية، جعلتهم لا يسألون عما يفعلون، ليقودوا أنظمتهم ومعها شعوبهم إلى مصير حالك السواد، وفي أغلب الأحوال إذا تراءت الفئتان سينكص هؤلاء المستبدون على أعقابهم وسيممون شطر العالم الغربي (الإمبريالي)، لينعموا هناك بثرواتهم التي جمعوها من ثوراتهم.
المستبدون مغفلون فهم يبحثون عن مساندة جماهيرهم لهم في اليوم الغلط يوم المحنة، وما أدركوا أن الجماهير التي لم تقف أنظمتها معها في يومها الأبيض ستتجاهلها في يومها الأسود. جهل المستبدون أن هذه الجماهير التي يستغيثون بها يوم الكريهة هي الجماهير التي جوعوها في أيام الرخاء، فأفقروها وأذلوها وامتحنوها ونهبوا ثرواتها واحتكروا مسؤولياتها، وأوصدوا دونها أبواب الحرية وأحكموا النوافذ من أن تلج منها نسائم الديمقراطية، وتسلطوا عليها فجعلوا أعزة أهلها أذلة، فأعدموا الألوف وكدسوا السجون بعشرات الألوف ومنذ عشرات السنين، فلم يعرف أهلوهم عنهم أمن الأحياء فيرجونهم أم من الأموات فيرثونهم ويصلون عليهم!!؟
العاقل من الدول العربية الأخرى من اتعظ بأكل الثيران الأخرى، وأعقل العقلاء من الأنظمة العربية من قطع على قوى الشر العالمية الطريق بمصالحة شعوبها، فتقضي على الفساد وتشركها في المسؤولية، وتفعّل برلماناتها ومؤسسات المجتمع المدني فيها، وتمنحها حرية معقولة وتغدق عليها من خيرات بلادها، صدقوني ان هذا هو المصل الواقي من الميكروبات الأميركية وللحديث بقية.

٢٠٠٩-٠٨-٢٤

حديقة الإنسان: عكس السير

الكاتب: أحمد مطر

في مدينة بيرن السويسرية، كان رجل في السادسة والثمانين من عمره، يقود سيارته على الطريق السريع.

وهذا أمر ليس فيه أي غرابة، لكن الغريب هو أن ذلك الرجل كان يسير في الاتجاه الخطأ بمواجهة طوفان من السيارات المسرعة!

هل أدرك أنه ماض في الطريق الخطأ؟

كلا.. بل كان مقتنعا بأن جميع السائقين الآخرين هم من كانوا يسيرون عكس الاتجاه، ولذلك فإنه كان يشعل المصابيح العالية في وجوه أولئك الحمقى القادمين نحوه لتنبيههم إلى خطئهم!

ولأن الشارع كان يبدو له مزدحما بعدد هائل من هؤلاء المجانين الذين يقودون سياراتهم في الاتجاه غير الصحيح، فإن الرجل الثمانيني الحكيم ما إن رأى دورية للشرطة متوقفة على جانب الطريق حتى توقف وعبر لهم عن شكواه من مخالفة السائقين الآخرين!

بلطف شديد، انتزع رجال الدورية مفاتيح سيارة العجوز، ثم أوصلوه بسيارتهم إلى بيته.

تلك كانت هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ الرجل من نفسه، وإنقاذ الناس من رعونته.

ومع أن حجم الكارثة التي كان ممكنا أن تتسبب فيها قيادة هذا الرجل، يظل صغيرا جدا بالمقارنة مع قيادة أمثاله لأوطان بكامل ما فيها من ملايين البشر، فإننا إذ نضحك ساخرين من رعونة العجوز، نشعر بكل عار الدنيا، ونصرخ محتجين، إذا ما انتزعت دورية- أي دورية- مفاتيح القيادة من سائق مجنون يقود الوطن بأكمله على طريق الهلاك المحقق!

من حسن حظ الرجل السويسري الثمانيني أنه لم يصطحب معه هيئة قضائية تشجب تصرف رجال الشرطة.

ومن حسن حظ الناس أنه لم يسحب وراءه قطيعا من العربان المسمنين بالكوبونات، ليتظاهروا تضامنا معه، مستنكرين أن تغلق الدورية حنفية (الروح والدم) التي فتحوها على آخرها فداء لكوارثه المقدسة.

فالواضح من مجرى حكاية العجوز السويسري أنه استسلم في النهاية وأذعن للشرطة، لكن الأمر، للأسف، لا يجري بمثل هذه السهولة مع سائقي الأوطان المجانين.

قبل وفاته، شاهدت، على شاشة التلفزيون، جزار تشيلي البغيض 'أوغستو بينوشيه' الذي كاد يبلغ التسعين، وهو يصرح قائلا: 'إنهم يريدون مني الاعتذار عما فعلته.. لكن ماذا فعلت لكي أعتذر؟'!

إنه برغم انتزاعه آلاف الأرواح، وبرغم أن الدورية قد سحبت منه المفاتيح ورخصة القيادة منذ أعوام عدة، وبرغم كونه يستحق الإعدام ألف مرة، لقاء حوادث القتل التي ارتكبها.. ظل يعتقد، حتى النهاية، أنه كان يسير في الاتجاه الصحيح، وأن جميع ضحاياه الأموات والأحياء، هم السائرون في الاتجاه الخطأ!