٢٠١١-٠٤-٢٨

مدرسة الكذب البعثية (من أرشيف الدومري السوري)


الكاتب: عمر البحرة (بتصرف)

بوصفي أحد الأشخاص الذين ترعرعوا في ظل دولة فكر ونظام حزب البعث ، فقد نشأت في جو عام من الأكاذيب التي صورت لنا سورية كأحد أقوى وأهم دول العالم وأنظفها ، وأكثرها حضارة ، وقد امتلأ رأسي بأكاذيب لا أول ولا أخر لها، وعند أول خروج لي من القطر السوري لأحد الدول العربية التي عرفت لنا في المدارس أنها لا تزال تعيش في مرحلة القبيلة والتخلف ، توالت المفاجآت منذ لحظة وصولي للمطار، فقد اكتشفت أننا نعيش أكذوبة كبرى وأن سورية تعيش في غياهب ظلمات التخلف من مختلف النواحي .

لقد كذب البعثيون على الشعب في السوري في مختلف المناسبات فقد تم تحويل كل الهزائم إلى انتصارات ، وتم الاحتفال بتلك الانتصارات الموهومة بمهرجانات خطابية سنوية يتبارى خلالها الرفاق البعثيين وزميراتهم من الجبهة الوطنية التقدمية على تضخيم تلك الانتصارات الوهمية.
وكذب البعثيون أيضا في المجال الاقتصادي فقد أوهم الشعب السوري أنه الأفضل اقتصاديا ، ومن أجل تعميم الكذب تم تعطيل كافة أجهزة الإعلام والإعلاميين .ولعل أكبر أكذوبة اقتصادية تلك التي أعلنت عن اكتشاف الألماس وبكميات اقتصادية في سورية ، ولم تتوقف الأكذوبة عند هذا الحد بل تم شراء الآليات لاستخراج الألماس ، وتم تشكيل لجان بحث ودراسة إنتاج وتسويق الألماس السوري ، وصرفت الأموال الطائلة على مدى أكثر من 20 سنه على هذه الأبحاث الخلبية ، وبعد أكثر من عشرين سنة تبين لوزارة النفط والثروة المعدنية أن سورية غير مهيأة جيولوجيا لوجود الألماس ، ولكن الأبحاث لم تتوقف عند هذا الحد فالوزارة لا تزال تبحث عن أماكن جيولوجية تتشابه مع تلك التي يظهر فيها الألماس.
وقد ظهرت أخر مدارس الكذب البعثي على شاشات الفضائيات يتزعمها وزراء مثل وزير الخارجية فاروق الشرع ووزيرة المغتربين بثينة شعبان ، ولا توجد حاجة للتذكير بأكاذيب بثينة شعبان في المؤتمر القطري الأخير وأعتقد أن الجميع يتذكر تلك الأكاذيب ، وغالبا ما يمهد للأكاذيب البعثية من قبل ناطقين رسمين في وسائل الإعلام ومدرسين في جامعة دمشق وخبراء في الشأن السوري ، ونستمع لهؤلاء عبر الشاشات الفضائية وعبر سلسلة من التعليقات والتحليلات والأكاذيب المثيرة للضحك ، والتي لا يمكن لأي عاقل أن يقبل بمثل هذه التعليقات والتحليلات ، والسؤال على من ولماذا يكذبون ، وهل النظام البعثي غبي لدرجة أنه لا يعرف أن الجميع يعرف أنه نظام كذاب.
زعيم المعلقين السورين هو عماد فوزي الشعيبي صاحب نظرية أمريكا ظاهرة صوتية ، في وقت كانت القوات الأمريكية تحتل عاصمة الرشيد ، يليه عضو مجلس الشعب الشيخ محمد حبش ، في تبادل طريف للأدوار بين العلمانيين الجامعيين ورجال الدين .
وللإنصاف أذكر أسماء بعض أهم ( الزميرات ) مثل ع .ع.ع علي عقلة عرسان الرئيس الأبدي لاتحاد الكتاب العرب وصابر فلحوط الرئيس الأبدي لإتحاد الصحفيين العرب .
والواقع أن هنالك مدرسة في الكذب يتزعمها وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ، ومن غير الممكن غض النظر عن تقرير ميليس الذي اتهمه بتضليل التحقيق ، وبحت حناجر المعلقين لتفسير وتحوير التقرير، ويبدو أن المحلل السياسي عماد فوزي الشعيبي صاحب نظرية الشعيبيات السياسية على غرار الشعيبيات الحمصية الشهيرة ، لم يكن قد قرأ التقرير بعد حين دافع عن وزير الخارجية بطريقة يحتمل أن تدين الوزير.

وقبل أيام من تقرير ميليس فسر وزير الخارجية السوري انتحار اللواء غازي كنعان بشكل مضحك ومثير للسخرية ، أظهر التفسير أن الطبقة الحاكمة في سورية وعلى رأسها أجهزة القمع الدموية شفافة لدرجة كبيرة وتتأثر بالتعليقات والتقارير الإعلامية لدرجة أن الأبطال من تلك الطبقة والشفافين أمثال قادة المخابرات السورية ينتحرون بسبب خدش تلك المشاعر ، وبالطبع غالبية المواطنين السورين يشعرون بشكل أو بأخر بفرط الحساسية الموجودة عند غالبية العناصر البعثية ، وخصوصا الأمنية منها ، وأتحدى أن يكون هنالك مواطنا سوريا لم يتعرض لحادثة إذلال جسدية واحدة على الأقل من قبل الأجهزة الأمنية في حياته الحافلة بالإذلال المتنوع .
وأعتقد أن زمن الاستهبال على الشعوب قد ولى ، وعلى كافة البعثيين و (زميراتهم) في أحزاب الجبهة الكرتونية وأحزاب المعارضة الخلبية . التوقف عن الكذب ، وتسيير مظاهرات طلاب الابتدائي والإعدادي للكذب ولتبرير كذبهم ، فمجلس الأمن والدول الكبرى خبراء بآليات الكذب البعثي منذ زمن عملية مطار هيثرو في لندن وتورط قادة المخابرات السورية في تلك العملية ، حين فرضت عقوبات على الشعب السوري لمدة تقارب العشر سنوات بسبب تلك العملية الفاشلة ( لم يعرف غالبية الشعب السورية بتلك العقوبات وظنوا أن الحياة تسير على هذا الشكل) .

لقد ورطت الأجهزة الأمنية الإستخباراتيه نظام الحكم والشعب في سورية أكثر من مرة بتصرفاتها البلهاء الغير مدروسة وأخضعت الشعب السوري للذل سنوات طويلة ، وأعتقد جازما أن الأوان قد آن لوقف هذا الاستنزاف الداخلي والخارجي على قادة الأجهزة الأمنية الإستخباراتيه الإقتداء باللواء غازي كنعان حين قام بحفر قبره بيده قبل فترة من انتحاره بسبب الخدش الذي تعرضت له مشاعره ، والتحلي بمزيد من الشفافية والحساسية المفرطة التي يتحلى بها الأبطال البعثيين أمثال البطل المنتحر وعليهم أن يحذوا حذوه كي نسدل الستار على أخر فصول مسرحية العبث البعثي الطويلة.
اقتراح : لإنهاء النظام الاستخباراتي البعثي السوري على كافة المواطنين السورين خدش مشاعر ضباط وعناصر الأمن، عسى أن يرتاحوا ويريحونا ، وبيدهم لا بيد أمريكا ، شهداء أبطال على مذبح النهب والاستغلال والسرقة .

هناك تعليقان (٢):

  1. تاريخ نشر هذا المقال في ‏24‏/10‏/2005 وأعتقد انه لايزال صالحا مع مرور كل هذه المدة مع الشكر

    ردحذف
  2. الشكر لك أستاذ عمر على مساهمتك في الثقافة السورية وعلى مواقفك المشرفة

    ردحذف