٢٠١٢-٠٣-٠٥

دردشة مع شرطيين

كتبها مراسل الجمرة: فارس


المكان : بوابة قيادة الشرطة في باب مصلى
الزمان : الخميس 23 شباط 2011

حاجز من الإسمنت وضع امام القيادة العامة للشرطة, ليقلل من ضرر إنفجار مرتقب..أمامه يقف شرطيان..
الشرطي الأول , في منتصف العشرينات,على كتفه الأيمن تتدلى بارودة, أخلت بثقلها توازن كتفيه , عيناه مفعمتان بالحزن و الخوف و على وجه ابتسامة ممزوجة ببساطة ابن الريف, يطلق دعابات بوجه المارين..وجوههم كانت بلا تعبير بلا أي تعبير..يمضون بسرعة...كالهارب من انفجار قنبلة أو انفجار الكلمات..
إلى جانبه يقف شرطي في منتصف الثلاثينات, غاضب من الحاجز و من المارة و من نفسه...يوبخ من يحاول أن يتجاوز الصف ليعبر إلى الداخل...

سألت الشرطي الأول عن سبب الحاجز فأجابني : " لكي يقلل من حجم الخسائر في حال حدوث انفجار و ليحسره في البوابة فقط" فقلت له : " و ماذا عنكم..؟ أنتم من تحرسون البوابة..؟؟" فأجابني بلهجته الساحلية: " نحن هنا لحماية المواطنيين و الموظفيين.. لحماية جميع السوريين في هذا المبنى حتى لو كان الثمن حياتنا..."

أجبته بغضب: "و من قال لك أن دمكم لا يعنينا!!" فأجابني : "الإرهابيين لا يعرفون حرمة أي دم...هؤولاء الذين يريدون أن يقتلونا.." صرخت بغضب من هم هؤولاء الإرهابيين؟؟؟ أجاب بارتباك :" لا أعرف من هم الذي أعرفه أنه منذ 11 شهرا" و هم يهددون أمننا ..." تم أكمل باستطراد : "لا أعرف أي عقل يمتلك من يفجر نفسه ليقتل الآخرين...كي يصبحون مثله و مثل أسياده!!!" ابتسمت و أجبته باستطراد مماثل: " و أنا أيضا" لا أعرف أي عقل يمتلك من يقتل مواطنه لمجرد انه لا يفكر مثله و لا يؤمن بما يؤمن هو " فصمت , استغليت صمته و أكملت " و لو اختلفنا... نبقى أنا و أنت سورين" هز رأسه و تلفت كي يرى إن كان أحدا" من المارة قد سمع بمحادثتنا..ثم قال لي " سأذهب لأشتري "المتة" لأن زوجتي لن تسمح لي بدخول المنزل إن لم أشتريها اليوم..."المتة" تذكرنا بالبلد و العائلة هناك...فسألته : أي بلد؟ أجاب بصوت خافت : "القرداحة"

صاح بوجهي الشرطي الثاني: " لا أريد أن أقتل أحد...أنا من السويداء و أحب دمشق ... لا أريد الخراب و أخاف من هذه البارودة..!" ثم تابع بتلهف للبوح :

"عندما عُيينت’, منذ قرابة العشرة أعوام, سلموني مسدس, كنت فرحا" به و قررت أن أجرِبه’...فأطلقت’ النار على قطةٍ عجوز في القرية...وبَختني أمي و قاطعتني لأأشهرٍ حينها لأني قتلت هذه القطة...في آخر زيارةٍ لي لقريتنا .. قلت لأمي: أتذكرين تلك القطة التي قتلت’ها فحزنتي...كل يوم نقتل بالعشرات فهل تحزنين أيضا"..؟.

سألني الشرطيان..أنت من أين؟؟

أجبتهم أنا من حمص و أنا أحبكم...و أكره ذاك الإرهابي الذ يريد أن يقتلنا لاختلافنا معه

حاجز الإسمنت لن يغير شيء لو أن على بوابة سوريا شرطيان مثلكما...

لكن النظام وضعكم أنتم و قراكٌم حراسا" له و ليس لسوريا...و هنا تكمن المأساة..!

هناك ٣ تعليقات:

  1. الله ينجيها سورية ثيااااااااااااارب وينجيها من اى سوء

    ردحذف
  2. الله محى تراب ياسورية ... الله يحمى اهلك يا غالية

    ردحذف