٢٠٠٩-٠٨-١٠

افتتاحية الجمرة: الدمقتاتورية في سوريا...مقابلة مع مسؤول أمني

نتيجة التأكيد المستمر من الجهات العليا على أن سوريا من الدول المتقدمة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، اتجه مراسل الجمرة إلى فرع أمن الدولة وأجرى الحوار التالي مع أحد ضباط الفرع وإليكم التفاصيل:
م. الجمرة: أول شي بحب أتشكرك على استضاقتنا بمكتبكم سيادة الضابط.
الضابط: أهلا وسهلا بكم في بيتكم الأول عفوا الثاني.
م. الجمرة (مصوفر): احم... رح ادخل فورا بالموضوع. متل ما بتعرفوا، الناس بسوريا عم تشتكي من الوضع الاقتصادي والمعاشي والثقافي والرياضي والعلمي والعملي والخ، ومصرين أنو كل هادا سببو الفساد الضارب بكل أجهزة الدولة وموظفينها، بقى شو بتحب ترد؟
الضابط: هذه الأمور التي ذكرتها لتوك يا سيدي الكريم، كلها شكليات بسيطة، ولا ترق حتى أن تنال اهتمامنا، فنحن بالدرجة الأولى معنيون بمسائل أخطر مثل النيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي ومحاولة تغيير الدستور بطرق غير شرعية وغيرها من القضايا الشائكة.
م. الجمرة: بس يا سيدي
الضابط (مقطاعا): بلا بس بلا خس، غير الموضوع وتكتف ورجاع لورا ولا.
م. الجمرة: طيب، معناتا رح انتقل فورا لموضوع انتخابات مجالس المدن والمجلس النيابي. معروف أنو بسوريا في حزب واحد مسيطر على كافة أشكال المجالس، وأنو هالحزب بيتدخل بشكل مباشر بعملية الانتخاب وبيحولها لشكل أقرب لتعيين بناء على مصالح معينة البعض بقول طائفية والبعض الآخر عشائرية وغيرهم اقتصادية، والنتيجة هيي مجالس غير موثوقة من قبل الشعب، وحتى أنو الناس بطلت تروح على الانتخابات من زمان على اعتبار انو الصوت على الصندوق رح يروح حتى لو صاحبو سلم الروح.
الضابط (مبتسما): في الحقيقة، أنا مسرور أنك استخدمت مصطلح انتخابات، فهذا إن دل على شيء إنما يدل على تجذر مفهوم العملية الديمقراطية في واقع الشعب العربي السوري الأبي، واسمح لي أن أؤكد أن انتخاباتنا وبإجماع كافة الصحف الرسيمة (تشرين، البعث، الثورة اليوم) هي انتخابات نظيفة وأنظف من انتخابات كثير من الدول الأمبريالية والاستعمارية مثل أمريكا وفرنسا وغيرها، وأن الناس بشكل عفوي يتجهون إلى صناديق الاقتراع حتى يختاروا ممثليهم من قوائم الحزب والمختارة بعناية من القيادة السياسية، وتصور أنه بالتدقيق تبين وجود أسماء لأطفال لم يتموا سنهم الثامنة بين المصوتين، وهذا يدل على نضج مفهوم الديمقراطية لدى شعبنا الصامد قبل غيره من الشعوب.
م. الجمرة: ما زال زكرت الصحف، معروف أنو بسوريا كان في أكتر من 100 جريدة مستقلة من شي خمسين سنة، وهلا ما في غير أربع أو خمس جرايد ملك للحكومة، وبنفس الوقت حابب ادمج هالموضوع مع موضوع الأمان، يعني هالـ 100 جريدة كانوا بالشهر ينشروا أخبار أربع جرايم ما أكتر، أما هلا أربع جرايد بتنشر خبر 100 جريمة باليوم، هالشي ما بدل أنو الأمان صار بخبر كان؟
الضابط: أنت الذي تكلمت، يعني 100 جريدة بتنشر أربع جرايم معناتا ما كان في ديمقراطية وكان ممنوع الحكي عن الجريمة، بينما هلا 4 جرايد كافين يغطوا كل الجرائم بكل شفايفة ومصداقية. أما بالنسبة للأمان، فلتعلم أن هناك عدد كبير جدا من عناصر الأمن الساهرين على حماية النظام والدولة، ونحن لا زلنا متقدمين على كثير من الدول في مجال الأمان مثل موزامبيق، زيمبابوي، تانزانيا، الصومال، فلسطين، العراق، وغيرها.
م. الجمرة: طيب، شو مشان المظاهرات السلمية، ليش ممنوعة بسوريا؟
الضابط (يهز رأسه كمن يتوعد): هذا الكلام عار عن الصحة، ومدسوس وكل من نطق به عميل وجاسوس، فإذا رجعت إلى أرشيف التلفزيون العربي السوري سترى أن تاريخنا حافل بالمظاهرات السليمة المؤيدة لبعثنا العظيم ومبادئه الثابتة، وبمظاهرات التنديد والشجب بحق العدوان الصهيوني الغاشم، وبمظاهرات التنديد بالرسوم المسيئة. كل هذه المظاهرات لم تمنعها الدولة لا بل على العكس، قامت بتنظيمها وتسييرها وتوفير الدعم لها، وحتى تخصيص حزء كبير من رجال الأمن لمواكبتها والتأكد من أن كل شيء يسير على ما يرام.
م. الجمرة (وقد احمر وجهه غضبا): إذا كل شي بخير متل ما عم تقول، لكن شو قصة عملية الإصلاح، يعني بالضبط شو عم تصلحو؟
الضابط: الشعب، نحنا قررنا نصلح هالشعب الفاسد.
م. الجمرة: والكهربا ليش بتنقطع بالشوب والبرد؟
الضابط: إذا عدت مئتي عام إلى الخلف تجد أن سوريا كانت بلا كهرباء، والآن لدينا كهرباء تقطع 5 أو 6 ساعات يوميا فأين المشكلة؟
م. الجمرة: والمي؟
الضابط: الماء نعمة من السماء، وانقطاعها إنما عقاب من الخالق عز وجل. وبهالمناسبة شو رأيك نصلي صلاة استسقاء أنا وأنت تحت هالصورة؟
م. الجمرة (محرجا): بلكي بعد المقابلة.
م. الجمرة (متابعا): والجولان؟
الضابط: لا يا معلم، بلشت تكبر بالحكي، شو جولان ما جولان، بدك تعلقنا مع العدو، شو مجنون إنت؟ اسمع لقلك، إنت زلمة آخد وش كتير، وبنصحك تروح عا بيتك قبل ما ضبك إنت وكل يلي بيعرفوك، بدك تهدد أمن الدولة يا مبهدل، روح انقلع من وشي قبل ما غير رأيي وضبك.
م. الجمرة (منصرفا): أمرك سيدي، استروا ما شفتوا منا.
مقتطفات:
* رفض الضابط الكشف عن اسمه "حتى ما يتبهدل" (على حد تعبيره).
* انقطعت الكهرباء ثلاث مرات أثناء المقابلة، مما جعل الحوار أكثر سخونة.
* الضابط تكلم بالفصحى في أغلب أوقات اللقاء، ولكنه ختمها بالعامية عند السؤال عن الجولان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق